فصل العار 489

 

 

العلاقة الجدلية ما بين تجريم المثلية والحرمان من كل الحقوق الإنسانية

 

صراحة قبل أن  ندخل في مناقشة هذا الموضوع  أريد أن أطرح بعض الأسئلة ; هل المثلية الجنسية حرية فردية  ؟ هل المثلية الجنسية سلوك جنسي فقط و بالتالي فهي حبيسة غرف النوم ؟ هل حينما تجرم المثلية نمنع من ممارستنا للجنس أم نمنع من كل الحقوق ؟

هناك من يعتبر أن تجريم المثلية يمنع على مجتمع الميم  الحق في الممارسة الجنسية فقط . باعتبارها حرية فردية

و بالتالي فالقانون ينتهك الحرية الفردية لهؤلاء الأشخاص كحق من حقوقهم ..دون الحقوق الأخرى ,

إلا أن تجريم المثلية و خاصة في المغرب يسقط على الإنسان المثلي أو العابر النوع الاجتماعي أو الجنسي كل الحقوق. كما أن القانون الجنائي حسب الفصل 489 المتعلق بتجريم المثلية جاء جد فضفاض مما يتيح للدولة الزحف على  حقوق المثليين.

فالفصل القانوني جاء بعبارة (يعاقب القانون,,,,,,,,,,,,,,,  كل من ارتكب فعلا من أفعال ” الشذوذ الجنسي “)  و هنا يتبين أن القانون المغربي لا يعاقب على الممارسة الجنسية بحد ذاتها و إنما يعاقب على كل الأفعال التي قد تبدو للدولة أنها مرتبطة بالشذوذ الجنسي .

فل نعطي بعض  الأمثلة :

على مستوى السلامة البدنية و الجسدية و النفسية :

(لا جريمة إلا بنص  ) سنجد هذه العبارة مكتوبة في أول مدخل للقانون الجنائي وبالتالي فأن كل مجتمع الميم في المغرب مجرمين حسب القانون المغربي   فتخيلوا نفسية الإنسان المثلي أو العابر النوع الاجتماعي أو الجنسي  الذي يعتبره القانون والمجتمع مجرم و ينتظر اعتقاله في أي لحظة بسبب حركة أو فعل قد يبدو للدولة المغربية يندرج في إطار الشذوذ  مما يؤدي إلى المس بسلامته النفسية والحق في عيش حياة طبيعية سليمة لهذه الفئة ,1(1)

على مستوى الحقوق المدنية و السياسية :

يجب أن نعلم أن تجريم الدولة للمثلية الجنسية يحرم على العديد من الناس حقوقهم السياسية و المدنية بسبب ميولاتهم الغير نمطية ك :

  • الحق في الاسم :

فبمقتضى القانون الجنائي يحرم على  أي إنسان مثلي أو عابر النوع الاجتماعي أو الجنسي من تغيير اسمه من اسم مذكر إلى اسم مؤنث أو العكس. و يفرض عليه اسم و هوية لا يريدها ويبقى الاسم لصيقه/ها إداريا وتعليميا و مجتمعيا لدرجة يمكن اتهامه بانتحال شخصية إذا قرر/ت تغيير اسمه/ها  و لو في علاقته/ها بالمجتمع .

  • الحق في التنظيم :

فقد وصل التجريم إلى حد عدم ضمان الحق في التنظيم. فبسبب القانون الجنائي  المغربي لا يمكن لمجتمع الميم في المغرب أن يؤسس جمعية أو حركة أو مجموعة تدافع عن حقوقه وتترافع من أجلها علما أن الحق في التنظيم والتعبير يعد من أقدس الحقوق السياسية و يعكس مدى احترامها ديمقراطية الدول

 

على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية :

 

يمكن للعديد أن يتساءل ما علاقة تجريم المثلية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ؟وما تأثيرها على الحق في الصحة او الحق في الشغل وغيرها من الحقوق ؟

فدورنا في هذا المقال هو إبراز هذه العلاقة الجدلية ما بين تجريم المثلية والحرمان من كل الحقوق الإنسانية

و سنركز على بعض الحقوق لا للحصر بل للشرح والتأكيد

  • الحق في الصحة :

على المستوى الفردي  :

يجب أن يعرف الجميع أن حمل العازل الطبي أو أي وسيلة وقائية من الأمراض المتنقلة جنسيا  يعتبر في المغرب دليل على ممارسة الفساد فأي شخص من مجتمع الميم وجد لديه أحد هذه الوسائل يمكن أن يحاكم بتهمة الشذوذ وبالتالي يضطر  هؤلاء الأشخاص إلى عدم حملها لتفادي الاعتقال و يخيرون بين صحتهم الجنسية أو الاعتقال في السجن لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات

كما أن فضاء الترهيب والتجريم لا يساعد على التفكير في وسائل الوقاية فكل التركيز يذهب إلى إيجاد مكان أكثر أمانا و أخد الحيطة والحذر

على المستوى المؤسساتي:

فالمراكز الإستشفائية غير مؤهلة لاستقبال مجتمع الميم  فبغض النظر على الهوموفوبيا و الترانسفوبيا المنتشرة في الوسط الطبي فيمكن التبليغ عنك من طرف الطبيب او المعالج كما انه لا توجد هناك أي ضمانات لسرية العلاج .

 

  • الحق في الشغل

إن مجتمع الميم محروم من عدة مناصب في مجال الشغل بدعوى أنهم غير قادرين أو ليسو في المستوى أو هم محطة شبهة فهناك أعمال في الجيش لا يقبل فيها أفراد مجتمع الميم و خاصة الترانس و مهنة المربي/ة فالناس لا يرغبون في تشغيل أفراد مجتمع الميم لاعتبارهم أن المثلي بيدوفيل وبالتالي لا يمكن تأمينه على الأطفال كما أن استفادتهم من حقوقهم الشغلية تكون ضعيفة إما بسبب قبولهم بالعمل في أي ظروف كانت بحكم قلة فرص الشغل لديهم أو لأنهم يهانون بسبب ميولهم أو هويتهم الجندرية داخل مراكز عملهم مما يجعلهم عرضة للطرد التعسفي في أي لحظة

فبهذا يكون التجريم القانوني للمثلية الجنسية في المغرب ينتهك انتهاكا صارخا كل الحقوق الإنسانية  للإنسان المثلي أو متغير النوع الاجتماعي أو الجنسي و مزدوج الميول الجنسي .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *