تحوّلت حصة مناقشة فيلم عبد الله الطايع “جيش الإنقاذ” إلى مساحة شخصية له للتعبير عن قصته مع “المثلية الجنسية” وما عاشه من معاناة داخل أسرته وحيّه، مشيرا أن لا أحد طلب منه السماح على ما اقْتُرف في حقه من “ظلم” و”إقصاء”، وذلك في إشارة منه لحياته كمراهق داخل حي السلام بمدينة سلا، وقصصه مع من كان يحتقره وفي نفس الوقت يريد الاستماع بجسده.
فبشكل لم يسبق له مثيل خلال جميع المناقشات التي أعقبت أفلام الدورة الـ15 من مهرجان الفيلم الوطني بطنجة، امتلأت قاعة الندوات اليوم السبت بعدد كبير من الحاضرين القادمين للتحاور مع الروائي والمخرج المغربي عبد الله الطايع، ولاكتشاف طريقة رده على أسئلة الجمهور التي تتعلق بفيلم مستفزٍ يتناول طابو نادراً ما يظهر في السينما المغربية وهو “المثلية الجنسية”.
“جيش الإنقاذ” هو النسخة السينمائية لرواية تحمل نفس الاسم للطايع، يحكي قصته وهو مراهق داخل حي السلام بسلا، حيث كانت أسرته تعاني من الفقر ومن تعدد أفرادها، وحيث تعددت علاقاته الجنسية مع مجموعة من شباب “الحومة”، مبيّناً كذلك شغفه بأخيه الكبير الذي كان وسيماً وقوي البنيان، وعارجاً كذلك على علاقته بمواطن سويسري، وكيف استعمل هذا الأخير كمطية للوصول إلى سويسرا من أجل الدراسة.
أمام عدسات الكاميرات، استرسل الطايع في الحديث عن معاناته كـ”مثلي” مغربي في مجتمع متناقض:” الشارع كلّو بْغا يدوز عليّ فْديك الوقت..وكان فعمري فقط 13 سنة” يقول الطايع، مستطرداً أن المثليين موجودون في المغرب، إلا أن لا أحد يدافع عنهم وغالباً ما يُنْظَر إليهم بكثير من الاحتقار، مسترشداً في ذلك بتجربته الشخصية:” آه..أنت هو عبد الله دْيال حي السلام..إيوا ي الله نْمشيو للطواليط” يحكي الطايع عن أقوال أقرانه له داخل المدرسة.
ردود الفعل داخل القاعة، أتت في غالبيتها مشيدة بهذا العمل السينمائي الذي وصلت ميزانية إنتاجه إلى 800 ألف أورو، فقد قال المخرج نور الدين الخماري إنه توفر على مجموعة من المشاهد الجميلة وأنه لا يتحدث فقط عن المثليين بل عن الإنسانية، أما الناقد عبد الإله جوهري فقد اعتبره شجاعة كبيرة من الطايع، والأمر نفسه يتعلق بالممثل يوسف أيت منصور الذي أسهب في الحديث عن قوة فكرة الفيلم التي أعطت الأهمية للفرد على حساب الجماعة.
واحد من الجمهور، اعتذر للطايع باسم المغاربة عن كل ما عانه في طفولته، إلا أن هتافات الاستهجان جعلته يتراجع عن الحديث باسم المغاربة وينطلق إلى الحديث باسم المراكشيين الذين ينتمي إلى مدينتهم، قبل أن يتراجع عنها أيضاً تحت شجب بعض الحاضرين.
وخلافا للردود داخل القاعة، فقد انتقد عدد ممن التقت بهم هسبريس الفيلم الذي عُرِض البارحة الجمعة، فقد وصفه أحدهم بالفيلم الممل الخالي من أية قيمة سينمائية، بينما انتقد البعض الآخر وجوده ضمن القائمة الرسمية للمهرجان، معتبراً أن مضمون الفيلم بعيد كل البعد عن الهوية المغربية والإطار الإسلامي المحافظ للبلد، في وقت خرج عدد مهم من جمهور سينما “باريس” قبل نهاية الفيلم بدقائق طويلة، وذلك كإعلان عن عدم الرضا.
هذا ولا يتواجد في فيلم “جيش الإنقاذ” من الأسماء المغربية المعروفة، غير الممثل أمين الناجي الذي أدى دور “سليمان” الأخ الأكبر لعبد الله، أما في غالبية الأدوار الأخرى، فقد أداها ممثلون قال الطايع إنه وجدهم جديرين بالتشخيص، ومنهم سعيد مريني، الطفل الذي أدى دور “عبد الله” في مراهقته.